الأحد 19 مايو 2024 م -
  • :
  • :
  • ص

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    الشهداء يستعيدون أرواحهم وأسماءهم

    آخر تحديث: الثلاثاء، 19 يونيه 2012 ، 00:00 ص

    د. حسن عبد الله

    كتب الروائي الجزائري الطاهر وطار قبل أكثر من ثلاثين عاما قصة بعنوان "الشهداء يعودون في اليوم السابع". وكأن الكاتب استدعى عودتهم من الموت، من منطلق أن انبعاثهم إلى الحياة من جديد، هو تدفق للدماء الحارة في شرايين الوطن. فالشهيد لا يموت، هذه ربما تكون بديهية انحفرت في أذهاننا منذ الصغر، وغذاها وعمقها لدينا في مرحلة الشباب خيال الطاهر وطار وغيره من الروائيين الذين كتبوا عن الشهادة والشهداء. لذلك لم نصدق يوما أن الشهيد قد انتهى إلى الأبد، حتى ونحن نرى جثمانه يوارى التراب، على اعتبار أن دفن الميت، لا يعني بأي حال من الأحوال دفن روحه، التي ستبقى طليقه متحررة من الموت.
    وإذا كان شهداء الطاهر وطار عادوا في اليوم السابع، فان شهداءنا انتظروا طويلا طويلا حتى يعودون، أو حتى تنتفض رفاتهم حياة، فمنهم من انتظر في"مقابر الأرقام" أكثر من أربعين عاما، قبل أن يتسنى له العودة الكريمة إلى حيث ينزرع الأهل في الوطن.
    الشهداء عادوا أحياء، والدليل أننا رأينا امرأة عجوز تقبل جمجمة ابنها الشهيد "العائد من الموت"، فتتفجر بين شفتيها الحياة وينهمر مطر الوطن يغسل وجهها، فتعود إليها فجأة نضارة الشباب التي غيبتها الشيخوخة. الشهداء عادوا أحياء، والدليل أن رفات كل واحد منهم، استرد روحه أو ارتدت الروح تلقائيا إليه، ليخرج في رحلة تفقديه للكروم، فينتشي عندما يجد أن أشجار الزيتون ما زالت تطرز صدر الوطن.
    الشهداء عادوا، والدليل أن رجلا مسنا كان يجلس في فناء منزله ليلا يتسلى في عد النجوم قد دعا الشهداء العائدين لمشاركته في إبريق شاي حشر فيه ما تيسر من النعناع البلدي، فلبوا الدعوة بسرور، وشرب كل واحد منهم كوبين، الأول ترحما على الروح التي غادرت الجسد يوما، والثاني احتفاء بالروح التي التحمت بجسدها من جديد.
    الشهداء عادوا، والدليل، أن شهيدا عائدا صلى العشاء في مسجد الحي، وان شهيدا آخر انتظم في حلقة دبكة شعبية، ابتهاجا بولادة عشرة أطفال في ليلة واحدة، في إحدى القرى الفلسطينية الصغيرة.
    أجل الشهداء قد عادوا مضمخين بحناء الدم، مفعمين بالأمل، مزينين بأكاليل الغار، مستعجلين حركة عقارب الساعة، لكي يقفز الزمن قفزات تقرب إقامة الدولة. الشهداء عادوا وفي عودتهم أكبر برهان، على أن الطيور وان أبعدت وأقصيت، ستعود يوما إلى أعشاشها الأصلية، وعلى رأي شاعرنا "لا يصب النيل في الفولجا.... كل نهر له منبعه ومصبه"، والشهيد كالنهر له منبعه ومصبه.
    له أسرته وحيه وقريته ومدينته ومدرسته وملعب طفولته وشجرته المحببة. لكل شهيد اسمه ولونه وحلمه وقسمات وجهه، فهو إنسان ابن انس، أبوه لم يكن في يوم من الأيام ينادى برقم وإنما باسم مختار بعناية فائقة من سجل الأسماء العربية المفعمة بالحيوية.
    الشهداء عادوا، لأنهم رسل حرية، والحرية مزيج من معرفة الضرورة وتحويل المعرفة إلى فعل، هذه المعرفة وهذا التحويل هما طريق حياة وخلود. إن الشهداء إذن تلك الحرية المحلقة في فضائنا، المملوءة بغيم ينتظر عناقا حميميا مع الريح، لكي يهطل غيث الحرية ويروي أشجارنا وأرواحنا.

    (المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 3/6/2012)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

استشهاد المجاهد زياد شبانة من سرايا القدس أثناء تصديه للقوات الصهيونية المتوغلة في تل السلطان بمدينة رفح

18 مايو 2004

جيش الاحتلال الصهيوني يشن عدوان قوس قزح في رفح، ويهدم عدد من المنازل، وسقوط 30 شهيداً

18 مايو 2004

دخول أول دفعة من شرطة سلطة الحكم الذاتي إلى قطاع غزة ومدينة أريحا

18 مايو 1994

قوات الاحتلال الصهيوني ترتكب مجزرة في قرية منصورة الخيط قضاء صفد

18 مايو 1948

الأرشيف
القائمة البريدية