مؤسسة مهجة القدس ©
Øينما نام "Ù…Øمد" ليلته الأولى من دون والديه وشقيقه
كانت الØيرة والتردد تنتاب رغدة أبو الجديان (40 عامًا) مع زوجها طلال (46 عامًا) Øول ضرورة مغادرة شقتهم ببرج رقم (12) بمدينة الشيخ زايد السكنية شمال القطاع نتيجة القص٠الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، أضرم الخو٠ناره ÙÙŠ قلب زوجها متخذًا قرارًا يود مشاورة زوجته Ùيه: "إيش رأيك نطلع من المنطقة.. بلاش يصير قصÙ".
ÙÙŠ هذه الأثناء جاء من بعيد Ø·Ùلهم عبد الرØمن (11 عامًا)ØŒ ÙŠÙ„Ø Ø¹Ù„ÙŠÙ‡Ù…Ø§ الذهاب لبيت عمه بمعسكر جباليا: "بدي Ø£Ø±ÙˆØ Ø¹Ù„Ù‰ بيت عمي"Ø› إلا أن والدته "رغدة" Øسمت رأيًا مخالÙًا: "وين ما بدك ØªØ±ÙˆØ Ø£Ø¬Ù„Ùƒ بجيك.. سواء طلعنا من البيت أو ضلينا Ùيه"Ø› مستذكرة استشهاد أبناء عمتها قبل سنوات Øينما انتقلوا من بيتهم لبيت آخر استشهدوا Ùيه.
المشهد الأخير.. Ø£Øداث دراماتيكية ÙÙŠ قطاع غزة، طائرات إسرائيلية تواصل قصÙها العنيÙØŒ الأØد (5 مايو/ أيار 2019)ØŒ عقارب الساعة تØØ· رØالها عند الخامسة عصرًا، استيقظ Ù…Øمد (25 عامًا) –الابن الأكبر ÙÙŠ العائلة- من نومه، Ù…Ùزوعًا من صوت شقيقه عبد الرØمن مع والدته وهما يجلسان على شاشة التلÙاز يشاهدان استهدا٠منزل عائلة "المدهون" بمنطقة بيت لاهيا Øيث استشهد عدد من Ø£Ùرادها، تترØÙ… الأم رغدة على شهداء العائلة معبرة عن Øزنها العميق: "هدول اليهود ما عندهمش رØمة.. هيك بقصÙوا الناس وهم آمنون ÙÙŠ بيوتهم؟".
البرج رقم "12"
مرت ساعة أخرى Øزينة على عائلة أبو الجديان بعدما آلت إليه الأمور ÙÙŠ منزل عائلة "المدهون"ØŒ لا يعرÙون ما تخبئ لهم الدقائق والساعات القادمة، وأن برجهم السكني تØت مجهر الطائرات الإسرائيلية. الساعة السادسة مساءً طلبت الأم من ابنها Ù…Øمد الذهاب لمنزل شقيقته المتزوجة لإيصال بعض الأغراض لشهر رمضان، وقبل أن يغادر أوصته: "الوضع ما بطمنش.. لا تتأخر".
مكث Ù…Øمد ساعة عند شقيقته ÙˆÙÙŠ طريق عودته اتصلت به والدته وكان قد اقترب من برج سكنه، تطلب منه الإسراع، دخل Ù…Øمد برج "12"ØŒ وعند الطابق الثالث صاد٠جاره، استمر Øديثهما وعقارب الساعة تقترب من الثامنة والنصÙØŒ وقبل أن يصعد Ù…Øمد إلى شقته ÙÙŠ الطابق الخامس، Øدث انÙجار هز البرج والمنطقة وارتج جسده ولم يرَ إلا وميضًا Ø£Øمر.
لم يرَ إلا جسده يصطدم بالØائط، والزجاج يتطاير عليه، تغير شكله بÙعل الغبار، يعيش المشهد مرة أخرى وهو يروي تÙاصيله لصØÙŠÙØ© "Ùلسطين": "كان صوت الانÙجار كبيرا، بعد انقشاع الغبار، وجدت الجيران ينزلون بسرعة من منازلهم من هول الانÙجار Ùنزلت معهم لأرى ماذا ÙŠØدث".
على درجات سلم البرج كان الجيران يركضون، أطÙال، نساء، رجال.. "أين القصÙØŸ"ØŒ يسأل Ù…Øمد Ø£Øدهم معتقدا أن القص٠خارج البرج، Ùرد عليه وهو ينزل بخطوات متسارعة: "يبدو أن الطوابق العلوية من برجنا" Øتى شاهد الطابق الخامس استوى تماما بالطابق الرابعة بعد تدمير الطابق.
صعد Ù…Øمد مرة أخرى يصرخ بأعلى صوته: "أهلي استشهدوا"ØŒ يستعيد المشهد وبدا متماسكا يكتم ما يشعر به من وجع ومأساة وقال: "Øينما وصلت الطابق الرابع وجدت جيراننا يخرجون Ø£Øياء، صدمت رغم أن الطابق الخامس (منزله) سقط بكامله عليهم بÙعل الانÙجار".
أشلاء لم تدÙÙ†
بدأ Ù…Øمد ÙˆÙرق الدÙاع المدني بالبØØ« عن والديه وشقيقه عبد الرØمن، ذهب لمستشÙÙ‰ "الإندونيسي" المجاور لهم Ùلم يجدهم، عاد ÙŠÙتش بين الركام المتطاير والØجارة ÙŠÙتش ÙÙŠ الساØØ© الأمامية للبرج، عثر على أشلاء ممزقة تعود لشقيقه، لا يظهر منها إلا الأقدام والأيدي، استمرت عملية البØØ« عن جثتي والديه Øتى وجد بعض أشلائهما ÙÙŠ ØµØ¨Ø§Ø Ø§Ù„ÙŠÙˆÙ… التالي.
دÙنت أشلاء الأب والأم وطÙلهما، ÙˆÙÙŠ كل يوم يجد الجيران والأقارب مزيدا من الأشلاء شاهدة على جريمة بشعة Øدثت دون سابق إنذار، قتلت عائلة كانت تستعد لصيام شهر رمضان، قتلتها وهي تتشبث بالØياة.
نام Ù…Øمد ليلته الأولى ÙˆØيدا دون عائلته، لم يجد سوى الدموع لتخÙ٠عنه وكأنها Ø³ØªØµØ¨Ø Ø¶ÙŠÙÙ‡ الدائم وملاذه Øين تجوب٠الذكريات٠عقله، ÙÙŠ Ù„Øظة كان والداه يخططان بأن ÙŠÙرØا بتزويجه؛ لكنه أجبر على إكمال الØياة ÙˆØيدا يتيما Ùيما لم يتبق له ÙÙŠ الØياة سوى شقيقتيه المتزوجتين.
كان عبد الرØمن وهو بالص٠السادس الابتدائي يراجع بعضا من دروسه استعدادا للامتØانات الدراسية، قبل الاستهداÙØŒ هذا الطÙÙ„ الذي لم ينعم بطÙولته، رزق به والداه بعد (11 عامًا) من الانتظار والعلاجات ومØاولات عدة لزراعة "الأنابيب" لم تتكلل بالنجاØØŒ Øتى جاء ذلك اليوم Øينما شعرت الأم بØملها وطلبت من Ù…Øمد تØليل العينات. يعود Ù…Øمد بذاكرته لتلك اللØظة التي لا تÙر من ذاكرته ويقول: "أظهرت النتائج أن والدتي Øامل بالشهر الخامس (...) Øينما أخبرتها سجدت لله تبكي مع والدي لكونهما انتظراه طويلا".
يضع Ù…Øمد يده على أشلاء شقيقه عبد الرØمن خلال مراسم التشييع لم يأذن لدموعه بسكب Øزنها التي ما زالت تØجبها عن الانسدال، تØاول دموعه التغلب على تماسكه وقال: "كان أخي لا ÙŠØب النوم بغرÙته إلا عندما أكون بجواره، كان Ùاكهة البيت".
لكن مع كل ما ÙÙŠ صدره من لهب Øزنا على Ùراق والديه، ÙŠØاول Ù…Øمد التماسك وتØرير بعض الكلمات من بين Ø´Ùتيه الراجÙتين، وقال: "ربما يسأل الجميع كي٠سأكمل طريقي ÙˆØيدا؟.. ربنا كبير؛ يدبر قبل البلاء، ربما هناك من ÙŠÙصدم بلØظة Ùقدان أهله ويغمى عليه لكن الله ألهمني الصبر وألقى ÙÙŠ قلبي الإيمان Ùتماسكت واسترجعته Ùيما أصابني Ù„Øظة Øدوث الانÙجار".
قبل عام ونص٠سكنت عائلة "أبو الجديان" أبراج الشيخ زايد، بعد شراء الشقة بنظام الأقساط علما أن رب الأسرة موظ٠بالسلطة الÙلسطينية تÙريغات (2005)ØŒ لكنها لم تهنأ بها كثيرًا.
رØÙ„ الزوجان "الطيبان" كما يصÙهما الجيران، رسما Øلمًا لتكوين أسرة بزواج Ù…Øمد ورؤية Ø£ØÙادهم، بصناعة مستقبل مشرق لطÙلهما المدلل "عبد الرØمن"ØŒ لكن الصاروخ الإسرائيلي كان أقرب من كل Ø£Øلامهم Ùخط٠أرواØهم وبقيت تلك الأØلام.
المصدر/ Ùلسطين اليوم