الخميس 28 مارس 2024 م -
  • :
  • :
  • م

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    في ذكرى عملية الهروب الجماعي من سجن غزة المركزي

    آخر تحديث: السبت، 17 مايو 2014 ، 12:41 م
    صورة لأبطال معركة الشجاعية، ثلاثة منهم من أبطال عملية الهروب

    بقلم: عبد الناصر فروانة

    للحرية ذات الحروف القليلة مذاق آخر، وأبعاد كثيرة ومعاني كبيرة، وللأسرى المحرومين من الحرية أكانوا قدامى أم حديثي الاعتقال، محكومين بالسجن لبضعة شهور أو لبضع سنوات، أو حتى بالسجن المؤبد لمرة ومرات عديدة حلم يراودهم و يعيش معهم، يكبر بداخلهم فهو غذائهم الأساسي ومصدر قوتهم وسر بقائهم على قيد الحياة .
    ويبقى من حق الأسرى الفلسطينيين، أن يحلموا بالحرية التي تعني كسر القيد كحق مكفول ومشروع، وليس مهماً كيف يمكن أن يتحقق هذا الحلم، بانتهاء فترة محكومياتهم، أو ضمن صفقات تبادل الأسرى، أو حتى من خلال "المفاوضات السياسية"، وإفراجات "حسن النية" والتي ازدادت بعد اتفاق أوسلو، المهم أن يتحقق حلمهم دون المساس بالمبادئ والقيم والأهداف التي ناضلوا واعتقلوا من أجلها .
    ولعل الأسرى الفلسطينيين في السجون الصهيونية ومن يقف خلفهم لم يدخرُ وسيلة إلا ولجأوا إليها لكسر قيدهم وضمان تحقيق حلمهم بما فيها عمليات الهروب الفردية أو الجماعية، واستخدموها منذ عقود طويلة بأشكال وطرق عدة، وفي مرات عديدة نجحوا بها، ومن تلك العمليات كانت عملية الهروب الجماعي من سجن غزة المركزي في السابع عشر من مايو / آيار عام 1987.
    إن محاولات الهروب من السجون شائعة الحدوث في العالم قاطبة، وأن قصص الهروب الناجحة منها كثيرة ومتعددة ، ولعل قصة الهروب التي نتحدث عنها اليوم من سجن صهيوني محصن هي واحدة من القصص الشهيرة في العالم، ولعلها هي الأشهر والأبرز في السجون الصهيونية .
    ففي السابع عشر من مايو / آيار عام 1987 وببركات شهر رمضان الفضيل، نجح ستة من الفدائيين الفلسطينيين المأسورين في سجن صهيوني يقع وسط مدينة غزة ويُطلق عليه "سجن غزة المركزي"  (السرايا) من نشر قضبان غرفة (7) في قسم (ب) الواقع في الطابق الثاني من السجن والهروب من عالم القيد رغم أنف السجان والإفلات من قبضة الاحتلال إلى عالم الحرية وساحة النضال الأرحب .
    ستة أسرى ينتمون لـ "حركة الجهاد الإسلامي" بدأوا بنشر قضبان نافذة زنزانتهم (الغرفة الصغيرة) في العاشر من مايو / آيار بشكل مدروس ولمدة سبعة أيام متواصلة دون أن يلاحظ أو يشعر أحد بما يفعلون، حيث بدأوا النشر من الجهة الخلفية للقضبان الحديدية خلال صلاة التراويح وأثناء آذان الفجر أحياناً، وفي ساعات الفجر الأولى من يوم الجمعة الموافق السابع عشر من مايو وبعد الانتهاء من النشر وكسر القيود، بدأ الشيخ/ مصباح الصورى وتبعه الباقي بالخروج من النافذة الصغيرة والضيقة والتي تكاد تتسع لأجسامهم النحيفة .
    ونزلوا إلى سقف تحت الغرفة بمسافة ثلاثة أمتار ومن ثم إلى معرش حديدي ثم الهبوط على الأرض على ماسورة من الحديد وتجولوا في السجن وفتشوا بعض السيارات التي كانت تقف بجانبهم بحثا عن سلاح .
    وخشية من اكتشاف أمرهم سارعوا بتسلق شجرة كبيرة وعالية كانت تقع بجانب أسوار السجن الشاهقة ومنها قفزوا إلى خارج السجن باتجاه شارع الثلاثيني بغزة .
    وفي تمام الساعة السادسة من صباح اليوم التالي إكتشف ضابط (العدد) أمر هروبهم حينما تبين له أن 19 أسيراً فقط في الغرفة من أصل 25 أسيراً، فأطلق صفارة الإنذار وأعلنت حالة الطوارئ في السجن ومبنى الحاكمية العسكرية الصهيونية الملاصق للسجن وسط مدينة غزة وانتشرت قوات كبيرة من الجيش وحرس الحدود حول السجن، وأجرت عمليات اقتحام وتفتيش واسعة لغرف وأقسام السجن، وبعد فشل محاولاتهم بالعثور على الأبطال الستة أعلن مدير عام مصلحة السجون هزيمته وهزيمة جيشه وفشل كافة اجراءاته الأمنية أمام إرادة وعزيمة وإصرار الأسير الفلسطيني .
    عملية رائعة استندت إلى خطة مدروسة ومتقنة اتسمت بالكتمان والسرية، وتنفيذ دقيق لبنودها ومسارها وتعليمات معدها، واعتمدت على الله ودعوات ورضا الآباء والأمهات وإرادة صلبة وعزيمة قوية وإصرار لا يتزعزع من قبل المنفذين .
    لتشكل وعلى لسان بعض قادة الاحتلال فضيحة أمنية كبرى، وصفعة قوية للمنظومة الأمنية الصهيونية ولادارة مصلحة السجون واجراءاتها الصارمة .
    فالجهات الأمنية والعسكرية الصهيونية أصيبت بالذهول ويجب أن تصاب بذلك وحتى بالانبهار للطريقة التي إستخدمها الأسرى الفلسطينيون للهروب من سجن يقع داخل مبنى الحاكمية الصهيونية بغزة ويحظى بحراسة كبيرة ومشددة على مدار ساعات اليوم , ومحاط بجدار شاهقة، وأسلاك شائكة، وأنوار ساطعة طوال ساعات الليل، وكيف نجحوا في كتم أصوات نشر قضبان الحديد وتمكنوا من الإختباء في الساحة الداخلية للسجن بعيداً عن أعين الحراسة، ومن ثم الهروب والاختفاء خارج السجن .
    (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيل)  صدق الله العظيم
    مصباح الصوري، محمد الجمل، سامي الشيخ خليل، صالح أبو شباب، عماد الصفطاوي، وخالد صالح.. هم أبطال المسلسل البطولي الناجح الذي حمل عنوان "الهروب الكبير" من سجن غزة المركزي، ليواصلوا عطائهم ومقاومتهم للاحتلال في ساحة النضال الأرحب، فمنهم من أعيد اعتقاله، ومنهم من استشهد ومنهم من ينتظر .
    (مصباح الصوري) العقل المدبر والمخطط لعملية الهروب، وهو أسير سابق أمضى 15 عاماً في سجون الاحتلال قبل أن يُطلق سراحه في إطار صفقة تبادل الأسرى عام 1985، ولديه خبرة سابقة بأساليب الحراسة، وهو أول من قفز من النافذة الصغيرة، ليقود إخوانه نحو الحرية والشهادة .
    وبعد أكثر من أربعة شهور من المطاردة والاختفاء والمقاومة نال الشهادة في الأول من أكتوبر من عام 1987 خلال اشتباك مع وحدات كوماندوز صهيونية بالقرب من مخيم البريج وسط قطاع غزة.
    ليلحق به (محمد الجمل)  Ùˆ(سامي الشيخ خليل) اللذان استشهدا أيضاً في اشتباك مسلح مع دورية صهيونية في حي الشجاعية شرق مدينة غزة في السادس من تشرين أول/ أكتوبر عام 1987 .
    فيما صالح أبو شباب (إشتيوي) اعتقلته سلطات الاحتلال بعد سبعة أيام من عملية الهروب وذلك في الخامس والعشرين من مايو، وأن إحدى المحاكم العسكرية الصهيونية أصدرت بحقه حكماً بالسجن الفعلي لمدة خمس سنوات بالإضافة إلى سنتين بتهمة الهروب من السجن  .
    بينما أفلح (عماد الدين الصفطاوي) وزميله (خالد صالح) بمغادرة قطاع غزة باتجاه مصر العروبة بعد بضعة  شهور من إختفائهما بغزة بعيداً عن أعين الاحتلال، وبعد شهرين تقريباً أبعدا إلى العراق ليستقبلا هناك أفضل استقبال من قبل المسؤولين العراقيين وبحضور مندوبين عن الأخ الشهيد أبو جهاد .
    (عماد الصفطاوي) عاد إلى غزة مع القوات الفلسطينية عقب التوقيع على اتفاق أوسلو وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994، وبعد مكوثه فيها لبضع سنوات أراد مغادرتها والسفر عبر معبر رفح جنوب القطاع والذي كانت تسيطر عليه سلطات الاحتلال وذلك بتاريخ 13-12-2000 لتعتقله من جديد وتعيده للسجن وتصدر بحقه حكماً بالسجن الفعلي لمدة 18 سنة على تهم سبقت عملية الهروب، وهو لا يزال يقبع في السجون الصهيونية وكنا نأمل أن تشمله صفقة شاليط "وفاء الأحرار" التي نفذت في أكتوبر من عام 2011.
    أما (خالد صالح) فبعدما وصل للعراق لم يهدأ أو يستكين فعمل بشكل مباشر مع الشهيد القائد "أبو جهاد" الذي كان يقضي معظم وقته آنذاك في العراق، وبعد استشهاده في ابريل عام 1988 انتقل "خالد" إلى تونس للعمل هناك مع مجموعات الشهيد الخاصة، ومن ثم تنقل للعمل في دول عربية عديدة منها لبنان، سوريا، ليبيا، وأخيراً استقر به الحال في بلد المليون ونصف المليون شهيد "الجزائر الشقيقة" ويقيم مع أسرته على أرضها وفوق ترابها  Ùˆ(لا) أذيع سراً إن قلت بأن (خالد صالح) هو ذاته (عز الدين خالد) مسؤول ملف الأسرى في السفارة الفلسطينية هناك وأحد أبرز الإعلاميين المدافعين عن قضية الأسرى في الوطن العربي، فهو من تبنى قضيتهم وناضل ويناضل باستماتة في الدفاع عنهم، ويقضي ساعات طويلة من يومه من أجلهم على حساب أسرته وأطفاله وقضاياه الشخصية، وهو من جعل قضية الأسرى دائمة الحضور وبقوة وعلى نطاق واسع في الجزائر الشقيقة ليقدم لنا نموذجاً رائعاً في الإعلام الخارجي المساند والداعم لقضية الأسرى بمساهمة بعض إخوانه من الفلسطينيين ومساعدة بعض أشقائه من الجزائريين، فهو المسؤول الأول عن عدة ملاحق وعشرات الصفحات التي تختص بالأسرى وتصدر في العديد من الصحف الجزائرية .
    السابع عشر من مايو/ آيار عام 1987 سيبقى يوماً مميزاً وعلامة بارزة في تاريخ الحركة الوطنية الأسيرة، وانتصار يضاف لانتصاراتها العديدة، ومفخرة يُسجل في سجلاتها الساطعة وستبقى عملية الهروب هذه محفورة في الذاكرة الفلسطينية .
    فيا دامي العينين و الكفين ! إن الليل زائل
    لا غرفة التحقيق باقية ! و لا زرد السلاسل !
    نيرون مات، ولم تمت روما .. بعينها تقاتل !
    وحبوب سنبلة تجف ستملأ الوادي سنابل !

    عبد الناصر فروانة
    أسير سابق، وباحث مختص في شؤون الأسرى
    مدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين في دولة فلسطين
    عضو اللجنة المكلفة بمتابعة شؤون الوزارة بقطاع غزة

    (المصدر: صوت فتح الإخباري، 17/5/2013)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

استشهاد سامر صبحي فريحات من سرايا القدس خلال كمين نصبته قوات صهيونية خاصة ببلدة اليامون شمال جنين

28 مارس 2006

اغتيال ستة أسرى محررين في مخيم جباليا بكمين صهيوني والشهداء هم: أحمد سالم أبو إبطيحان، عبد الحكيم شمالي، جمال عبد النبي، أنور المقوسي، مجدي عبيد، ناهض عودة

28 مارس 1994

اغتيال المناضل وديع حداد  وأشيع أنه توفي بمرض سرطان الدم ولكن دولة الاحتلال اعترفت بمسئوليتها عن اغتياله بالسم بعد 28 عاماً

28 مارس 1978

قوات الاحتلال بقيادة شارون ترتكب مجزرة في قرية نحالين قضاء بيت لحم، سقط ضحيتها 13 شهيداً

28 مارس 1948

الأرشيف
القائمة البريدية