الخميس 28 مارس 2024 م -
  • :
  • :
  • م

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    أدب السجون.. الإبداع من رحم المعاناة

    آخر تحديث: الخميس، 18 إبريل 2013 ، 00:00 ص

    من بين عتمة وظلام الأقبية والزنازين وخلف القضبان الحديدية الصهيونية، كان الأسير المحرر علي عصافرة يمتشق قلمه ليُحاكي واقع السجن ويُصّور تجربة الأسر والمعاناة اليومية، مُحاولاً بعدها أن ينقل ألم القهر وعزيمة الصمود إلى العالم الخارجي.
    الأدب في السجون ذو شجون، كتابة القصيدة في الغرف الضيقة بمثابة قدوم مولود جديد تترقب ولادته ونموه، تأنس إليه في وحشة وظلمة وغربة، يقول عصافرة: "إنه شعور جميع الأسرى الذين يريدون كل شيء يعوضهم عن القهر والألم".
    وفي نصوص لا أصدق ولا أعذب ولا أجمل منها، تنمو أقلام الأسرى وكتاباتهم بالأحزان والآلام والحنين والأشواق المتتالية لذويهم وللعالم خارج السجن، فيبدعون بالكتابة ونقل الصورة، كما يصف عصافرة.
    والمحرر عصافرة أحد الذين ولدت قريحتهم الشعرية داخل السجون، وكتب ديوانين من الشعر أحدهما بعنوان "اللؤلؤ والمحار"، حيث استعار المحارة بالسجن واللآلئ بالأسرى الذين ينتظرون الإفراج، فيما سمى الديوان الآخر "الضوء والأثر".
    ويتميز أدب السجون بصدق التجربة وغناها وبالعفوية والرمزية الشفافة والصور الإيحائية وسلاسة اللغة وطلاوة التعابير كونه خرج من رحم الوجع اليومي والمعاناة النفسية والقهر الذاتي، والمعبّر عن مرارة التعذيب وآلام التنكيل وهموم الأسير وتوقه لنور الحرية وخيوط الشمس.

    عرضة للاغتيال
    ويقول عصافرة إنّ "الغربة في السجن مركبة وموحشة، كما أنّ المعوقات كثيرة في كتابة الأدب، لك أن تتخيل أن القصيدة أو الكتابات جميعها عرضة للاغتيالات، نُخبؤها بين الفترة والأخرى من أيدي السجان ونحرص عليها بإعادة كتابتها".
    وكتب عصافرة ديوانه الأول في السجن مشكلاً بخطه أكثر من 20 مرة خوفاً من ضياعه ومصادرته، "ونجحت مرة واحدة في إخراجه لوجود صعوبات تواجه كل كاتب في السجن، عدا عن شح المواد القرطاسية وعقاب بمنع بيعها في الكنتينة ومصادرة الأقلام والكراسات".
    من المعوقات التي تواجه الأسير- والحديث لعصافرة- أنّه يحتاج دائما تنمية قدراته، "وتلك التنمية من الصعب أن تتم في فراغ وأجواء مشحونة وإنما تحتاج إلى محفزات ودعم، ولذلك كانت قصائدنا تولد حزينة لا تجد من يحتضنها ويهتم بها ويحتويها، كما أنّه لا يوجد من ينمي الموهبة والقدرة الكتابية والأدبية في السجن كأساتذة وشعراء مخضرمين".
    وموهبة عصافرة في كتابة الشعر كانت وليدة السجن، وطبع ديوانه الأول ونشر وهو ما يزال في الأسر، فيما أخرج ديوانه الآخر من السجن وأدرك طباعته وتبنته رابطة الكتاب والأدباء الفلسطينيين.
    وللمحرر بلال أبو دقة تجربة مُشابهة لسابقه، حيث كان يكتب مقالات وخواطر يترجم من خلالها معاناة الأسرى بكلمات يصفها بأنّها كانت تخرج من القلب إلى الورقة.
    ويقول أبو دقة: "إنّ أدبيات السجن منتشرة بشكل كبير بين أوساط الأسرى"، "لأن الأسير في معاناته وظلماته تثور مشاعر كثيرة داخله وتظهر في قريحة قلبه أمور كثيرة يريد أن يترجمها بسبب الكبت الفكري والقمع الذي يتعرض له من السجان".

    تجربة فريدة
    وكان لأبي دقة تجربة شخصية في السجن عندما كان في العزل الانفرادي ولم يتمكن من إيصال أي رسالة مكتوبة لزوجته في ذكرى زواجهما، إلا أنّه استطاع فعل ذلك عبر رسالة نقلها من خلال إحدى الإذاعات المحلية، "وكانت زوجتي تستمع وقتها للإذاعة، وتركت رسالتي أثرًا كبيرًا في نفسها".
    ووفق أبو دقة، تدفع إجراءات الاحتلال القمعية في السجون بحق الأسرى المتمثلة بمنع الأسرى من اللقاءات العامة وإلقاء خطب الجمعة وغيره لأن يترجموا ذلك سريعًا لكتابة القصص والتجارب بإحساس عال وصادق لا يسعى فيه الأسير لأي تنميق وتهذيب في الكلمات.
    ويوضح أنّ العديد من الأسرى اكتشفوا قدراتهم في السجن على كتابة الشعر والأدب والرسائل المؤثرة، "وكأن ذلك الأمر يعطي الأسرى نوع من الغنى الخاص فيه والتميز رغم ملاحقة السجان الدائمة ومصادرة الكراسات والأقلام التي يكتبون فيها".
    وصودر من المحرر أبو دقة عدة كراسات كان يكتب فيها ما تراه عيناه داخل السجن لتوثيق انتهاكات الاحتلال، "وهناك تفتيش مستمر يتم خلال مصادرة الرسائل المكتوبة، ويتم الاطلاع عليها من المخابرات الصهيونية بشكل لحظي".
    يتابع "لذلك يبتكر الأسير دوماً طرقاً مختلفة من أجل تهريب الأوراق والمقالات إلى الخارج ليحافظ عليها، وما يخرج لا يعادل 15% مما يكتب لأن الجزء الأكبر يتم مصادرته، ويعمل الأسرى على إخفاء تلك الأوراق إلى أن تحين الفرصة لنقلها خارج الأسوار عبر محامي أو ذوي الأسير أو عبر أسير سيتم تحريره".
    ويحاول الاحتلال- والحديث لأبو دقة- عزل الأسير فكرياً وأدبيًا واجتماعيًا، إلا أنّ الأسرى أنتجوا أعمالًا أدبية كثيرة وكتبوا قصائد شعرية ومقالات ورسائل، تغلبوا فيها على المنظومة الأمنية الصهيونية.
    ويُحيي الشعب الفلسطيني اليوم (17 نيسان/أبريل) ذكرى يوم الأسير الفلسطيني، في ظل سياسة صهيونية عنصرية وقاسية بحق الأسرى في سجون الاحتلال، لا تراعي من خلالها أدنى الحقوق الإنسانية لهم.
    وما يزال عدد من الأسرى يخطون بأقلامهم مقالات وروايات ومواد أدبية تُخفف عنهم معاناة السجن منهم عبد الله البرغوثي وحسن سلامة وعباس السيد ومحمد المقادمة، سليم حجة، محمد عرمان، وليد الهودلي، مؤيد حماد، إبراهيم حامد، وليد دقة، محمود عيسى، عمار الزين وغيرهم.

    (المصدر: وكالة صفا الإخبارية، 17/4/2013)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

استشهاد سامر صبحي فريحات من سرايا القدس خلال كمين نصبته قوات صهيونية خاصة ببلدة اليامون شمال جنين

28 مارس 2006

اغتيال ستة أسرى محررين في مخيم جباليا بكمين صهيوني والشهداء هم: أحمد سالم أبو إبطيحان، عبد الحكيم شمالي، جمال عبد النبي، أنور المقوسي، مجدي عبيد، ناهض عودة

28 مارس 1994

اغتيال المناضل وديع حداد  وأشيع أنه توفي بمرض سرطان الدم ولكن دولة الاحتلال اعترفت بمسئوليتها عن اغتياله بالسم بعد 28 عاماً

28 مارس 1978

قوات الاحتلال بقيادة شارون ترتكب مجزرة في قرية نحالين قضاء بيت لحم، سقط ضحيتها 13 شهيداً

28 مارس 1948

الأرشيف
القائمة البريدية